الإنصاف والمصالحة عبد المنعم دلمي الصباح: 21 دجنبر 2005
أنهت هيأة الإنصاف والمصالحة مهمتها بتقديم تقريرها النهائي. وعلى عكس الاعتراف الذي نالته الهيأة على المستوى الدولي، لم يحظ عملها داخل المغرب برضا وتقدير كافيين لمعرفة مدى الثورة التي أحدثتها في ما يخص العلاقات بين المواطن والدولة.
عند انطلاق عملها، سادت تخوفات من أن تجر الهيأة البلاد في دوامة من تصفية لحسابات نحن في غنى عنها. لكن هذا الخطر أبعد بلباقة وفطنة، فسرعان ما تبددت هذه المخاوف حين نجحت هيأة الإنصاف والمصالحة في جعل الدولة تتحمل، لوحدها، مسؤوليتها كاملة كمؤسسة وكنظام.
لم يكن هدف سياسة جبر الضرر عن طريق التعويض المادي محو الضمائر أو شراءها، بقدر ما كان هدفها الأسمى جعل الدولة تعترف لنا بمسؤوليتها، وتأكيد عاملين أساسيين في آن واحد هما: استمرارية الدولة وإرادتها في التغيير الجذري.
من الآن فصاعدا، لن تكون حقوق الإنسان وحقوق المواطن موضع تساؤل تحت أي ذريعة بالنسبة لكل المغاربة، سواء كانوا مرموقين في هرم السلطة أو مواطنين عاديين.
عن ما يقع يمكن أن نعتبره ثورة حقيقية، خصوصا بالنسبة للمجتمع المغربي، لذي عاش قرونا من الزمان تحت نير الأنظمة الفيودالية. وهذا معطى لابد من التذكير به. وعلى ضوء هذه المعطيات، لن تذهب آلام وآهات الأشخاص الذين كانوا ضحايا الانتهاكات سدى. إنه أمر ضروري أن يسترد الضحايا وعائلاتهم كرامتهم، وذلك من خلال المشاركة في تقدم المغرب.
لا أحد سيتأسف على أن الأمور لم تذهب إلى حد مساءلة ومتابعة المتورطين. فالوصول إلى هذا المستوى كان سيكون مفارقة تاريخية وخطأ سياسيا، بل الفخ الذي كان بإمكانه الإجهاز على المسلسل الديمقراطي برمته.
من السهل جدا الدخول في مزايدات وطلب السقف الأعلى، غير أن الواقع يثبت دوما أن الإعلان عن الثورة، ليس أهم مراحلها، وإنما الحيلولة دون أن تأكل أبناءها.
طباعة
ارسل الصفحة
أعلى الصفحة
|